رشاد العليمي.. براغماتية سياسية أم ارتهان دائم للتحالفات؟

أبين – شقرة نيوز – السبت 13 سبتمبر/أيلول 2025
🖋️ مقال رأي | د. غزوان طربوش
رشاد العليمي لا يراهن على شعبية أو جماهير أو مستقبل سياسي، فهو يدرك أن بقاءه مرتبط بمصالح آنية لا أكثر. لذلك لا يعنيه ما يُكتب عنه أو ما يوجَّه إليه من نقد، لأنه يتحرك فقط حيث تكون المكاسب.
فمنذ خمسة عشر عامًا ظل ملف تعز بيده دون أن يقدّم لهذه المدينة ما يليق بتضحياتها. الشهيد عدنان الحمادي كان من أبرز الأصوات التي تحدثت بمرارة عن عجزه وصمته أمام جرائم الإخوان في تعز، وهو صمت لا يمكن فصله عن حسابات أنانية ضيقة.
العليمي، الذي يتقاضى شهريًا 250 مليون ريال سعودي، لم يترك للفقراء أي هامش أمل، ولم يسعَ إلى بناء إرث يُذكر بعد رحيله. كل ما يميّزه هو براغماتية مفرطة، وأنانية جعلته في موقع المستفيد الدائم، فيما يظل الشعب الخاسر الأكبر.
منذ الطفولة، كان رشاد العليمي شخصية منزوعة المبادئ والقيم. أصدقاء صغره في قرية الأعلوم والعين يعرفون كيف بدأت حياته. حاولت قيادات من التنظيم الناصري تهذيبه واستقطابه، لكنه لم يستطع التكيف في بيئة لا تناسب ميوله.
بعد عودته من الكويت، استقطبه علي عبدالله صالح وأرسله إلى مصر للدراسات العليا، إذ كان صالح يختار الشخصيات المتلونة لتكون أدوات بيده.
عُيّن لاحقًا مديرًا لأمن تعز، وهناك بدأت المدينة تفقد ميزتها التعليمية والثقافية، وانتشر الغش واستُهدف المثقفون والتنويريون.
مكافأة على خدماته، عُيّن وزيرًا للداخلية ثم نائبًا لرئيس الوزراء للشؤون الأمنية والدفاعية، في تعيين جاء بدعم سعودي خفي.
لعب دورًا بارزًا في إقناع صالح بتمرير اتفاقية الحدود مع السعودية، ومنذ ذلك الحين أصبح ولاؤه مرتهنًا بالرياض.ورغم أن كثيرًا من رجالات صالح كانوا في السعودية، إلا أن العليمي كان الأكثر إيلامًا له، إذ وثق به واطلعه على أسرار عميقة في الدولة والأمن، حتى أن صالح كثيرًا ما أشار إليه بوجع في خطاباته. تقلب المواقف والتلون كان دائمًا السمة الملازمة للعليمي.
استغل العليمي نقاط ضعف نظام هادي ليصبح مستشارًا مقربًا، ثم رئيسًا لتحالف الأحزاب والمكونات السياسية حيث جمد الحياة الحزبية وأخرجها من دائرة الفعل.
عمل أيضًا على استغلال الصراع بين الإصلاح والقوى الوطنية في تعز، فسهّل اغتيال الشهيد عدنان الحمادي وساعد مليشيات الإصلاح على اجتياح الحجرية.
لاحقًا استثمر الخلاف بين الإصلاح والانتقالي ليقفز إلى رئاسة مجلس القيادة الرئاسي مدعومًا بتحالفات إقليمية.
ورغم تجاوزه السبعين عامًا، لم يتوقف عن تبديل مواقفه. بدأ رئاسته بمغازلة الحوثيين، متوددًا إليهم بالحديث عن حبه لـ”آل البيت”، بل وأرسل برقية عزاء رسمية في وفاة أحد قياداتهم، بينما لا تزال شركاته وجامعته في صنعاء تعمل دون أن تمسها الجماعة، ما يثير تساؤلات عميقة عن طبيعة علاقته بهم.
اليوم، يُنظر إلى رشاد العليمي كشخصية تجمع بين عقلية المخبر والتاجر. ثروته الضخمة التي جمعها خلال سنوات خدمته، ويديرها أبناؤه في الخارج، شاهد على الفساد.
أما في الداخل، فقد أنشأ مؤسسة خيرية تحت إدارة ابنته، استغل عبرها المساعدات الدولية لمصالحه الخاصة، في استمرارٍ للمتاجرة بمعاناة الشعب اليمني.
رشاد العليمي ليس قائدًا سياسيًا بقدر ما هو نموذج للبراغماتية والأنانية والتلون. لا يسعى لتاريخ يُذكَر بعد رحيله، بل يسعى فقط لمكاسب آنية، حتى لو كان ثمنها وطنًا منكوبًا وشعبًا يتجرع المعاناة.
> هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعكس بالضرورة موقف “شقرة نيوز”.