إب: حملة اعتقالات حوثية واسعة.. و”الزينبيات” تشارك في اقتحام منازل

شقرة نيوز _ أبين _ الأربعاء، 23 يوليو 2025
إب
تواصل جماعة الحوثي تصعيد حملتها الواسعة من الاعتقالات التعسفية والاختطافات بحق المدنيين والموظفين الحكوميين في محافظة إب وسط اليمن. وتأتي هذه الحملة في ظل تصاعد مقلق للانتهاكات الجسيمة التي تطال مختلف شرائح المجتمع، دون أي رقابة أو رادع قانوني، مما يعكس حالة من التدهور الأمني والحقوقي في المحافظة.
اقتحامات واعتقالات منظمة:
أفادت مصادر حقوقية ميدانية بأن مسلحين تابعين لجماعة الحوثي، برفقة عناصر نسائية مما يُعرف بـ”الزينبيات”، اقتحموا، الثلاثاء، منزل المواطن عبدالحميد المصباحي في حي المحافظة بمدينة إب. ووصفت المصادر العملية بأنها تفتيش مصحوب بسلوك عدواني وتهديدات. ووفقاً للمصادر، تم خلال الاقتحام مصادرة هواتف محمولة، وأجهزة إلكترونية، وممتلكات شخصية من داخل المنزل، دون العثور على المصباحي، الذي يُعتقد أن الجماعة تبحث عنه.
وفي تطور لافت، تم اقتياد امرأتين من أسرة المصباحي إلى شقة يُشتبه بوجوده فيها، في إجراء يُعد انتهاكاً لحرمة الأسرة والخصوصية، ويُنذر باتباع أساليب قمعية تتجاوز المعايير الأمنية المقبولة دولياً.
استهداف الكوادر والقيادات المجتمعية:
أشارت المصادر إلى أن هذه الحادثة ليست منفصلة، بل تأتي ضمن حملة ممنهجة من الاعتقالات والاختطافات التي تشهدها إب منذ أكثر من أسبوعين. وقد شملت الحملة العشرات من الكوادر الفنية والمهنية، لا سيما في قطاعات الصحة والتعليم والبنوك والجامعات. وطالت الاعتقالات أطباء، وأكاديميين، وموظفي إدارات تعليمية، في مديريات متعددة، أبرزها مديرية العدين، حيث تم اختطاف عدد من المدرسين والإداريين بذريعة “التحقيق الأمني”، دون إبلاغ ذويهم أو إتاحة أي ضمانات قانونية.
وأثارت جريمة اختطاف الدكتور محمد قايد عقلان، مدير دار القرآن الكريم في منطقة اليهاري بمحافظة إب، موجة استنكار واسعة، خاصة بعد وقوعها في أعقاب تصفية الشيخ صالح حنتوس في محافظة ريمة قبل يوم واحد فقط. واعتبر ناشطون وحقوقيون أن هذه التواليات المتسارعة تشكل نمطاً من التصفية الجسدية والاعتقالات الممنهجة بحق الشخصيات الدينية والمجتمعية المستقلة، في محاولة لفرض السيطرة الأيديولوجية والقضاء على أي صوت مخالف.
غياب الرقابة القضائية:
أكدت المصادر أن الانتهاكات لم تعد تقتصر على أماكن العمل أو المنازل، بل امتدت لتشمل الطرقات العامة وأماكن التجمعات، حيث يتم اختطاف المواطنين بشكل عشوائي، أحياناً بناءً على شكاوى واهية أو تهم ملفقة، في ظل غياب تام لأي رقابة قضائية أو ردع فعلي من قبل الأجهزة القضائية التي تديرها الجماعة.
وأشارت تقارير حقوقية إلى أن “الصمت” من قبل القضاء في إب يُعد شريكاً غير مباشر في هذه الانتهاكات، حيث لا يتم توثيق الاعتقالات، ولا يُسمح للعائلات بزيارة المختطفين، كما لا تُعلن أسباب الاحتجاز، ما يعمّق حالة الإفلات من العقاب.
تحذيرات ومطالبات دولية:
حذر ناشطون حقوقيون ومجتمع مدني في إب من أن استمرار هذه الحملات القمعية سيؤدي إلى تفجير الأوضاع الاجتماعية، مشيرين إلى أن الخوف بات يسيطر على المواطنين، وسط تردي الخدمات الأساسية وانهيار الاقتصاد المحلي. وطالبوا المنظمات الدولية والمجتمع الإنساني بالتدخل العاجل لوقف ما وصفوه بـ”موجة القمع الممنهج” التي تمارسها الجماعة تحت غطاء الأمن والدين.
ودعت جهات حقوقية يمنية إلى فتح تحقيق مستقل في هذه الانتهاكات، ورفع ملف الاعتقالات التعسفية والاختطافات إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، معتبرة أن ما يحدث في إب قد يُشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، وقد يشكل جريمة ضد الإنسانية إذا ما تم ارتكابها بشكل منهجي.
في المقابل، لم تصدر جماعة الحوثي أي بيان رسمي يوضح أسباب هذه الحملات أو يُبرر الإجراءات الأمنية، في حين تُعزى هذه التحركات، بحسب مراقبين، إلى محاولات فرض السيطرة الكاملة على المحافظة، وقمع أي مظاهر للاختلاف أو المعارضة، في ظل تزايد التوترات الداخلية والخارجية التي تواجه الجماعة.
وتعيش إب، التي تُعد من أكبر المحافظات اليمنية من حيث الكثافة السكانية، واقعاً إنسانياً وأمنياً متردياً، حيث تُضاف هذه الانتهاكات إلى معاناة السكان من الفقر، وانهيار الخدمات، وغياب الدولة، في مشهد يُنذر بتفاقم الأزمة الإنسانية في قلب اليمن.